اوروبا 2050
في ظل التطور الذي تشهده كل مجالاتنا الحياتية بتنوعها وتعددها, والتي سهلت ويسرت عيشنا .وذلك بفضل العلم الذي خدم مصالحنا بالدرجة الاولى, وجعل من حلم الماضي حاضر اليوم وامل المستقبل. حيث قرب المسافات, ويسر سبل العيش ليجعلها ارقى و اسمى .فقد صرنا اليوم وبكبسة زر ننعم بالضوء ليلا ونتواصل مع اهلنا و اصدقائنا اينما كنا ومتى رغبنا في ذلك.
استطعنا الوصول الى اماكن بعيدة وذلك في ساعات معدودة, والتي ان لم يكن الوصول اليها مستحيلا. كانت لتستغرق شهورا متعبة, وغيرها امثلة كثيرة. فباعتبار ان اوروبا مواكبة لهذا التطور فإنها وبحلول 2050 ستصبح حلما بحق .مكانا تسهل فيه الحياة باعتماده الكلي على التكنولوجيا .رجال آليون يقومون بمهامنا, يربون اطفالنا ويحلون مكاننا, فالهدف الاول والاخير حياة كاملة باقل جهد .
حين نمرض تعالجنا الآلات والتي لانشك ابدا في اتقانها لمهمتها .اطفالنا تعلمهم الآلات, حياتنا كلها تتمحور حول الآلات, كأنهم امهات لنا تعتني بنا وتلبي كل حاجاتنا ,فهذا ما سعى له الانسان منذ الازل .ولكن أسنسعد بهذا ؟الن تكون حياتنا مثالية حينها ؟ فهذا ما رغبنا به دوما.
دعونا نتوقف قليلا وننظر حولنا :
العائلة ,الاسرة ,دفئ المشاعر ,احتياجاتنا النفسية .هل ستكون الآلات قادرة على تعويضها؟ فنحن اولا و اخيرا تحكمنا المشاعر. ألن تكون حياتنا جافة حينها ؟ ألن نشعر بالغربة ؟
حسنا فلنلقي نظرة داخل بيوتنا ,متى كانت اخر مرة حظيتم بلمة العائلة ؟ماذا يحب ابناؤكم ؟اباؤكم متى كانت اخر مرة تحدثتم معهم ؟أليس هذا غريبا؟ أصرنا غرباء لهذه الدرجة؟
يجمعنا بيت واحد ولكن قلوبنا بعيدة بعد السماء عن الارض .كل في زاوية وركن مع آلته التي تربطه مع اناس اخرين في جزء اخر من العالم .
نحن لا ننكر ابدا فضل الآلات علينا ولكنها بالمقابل أخذت جزءا منا سرقتنا من بعضنا, أخدت بساطتنا ,سلبتنا الدفء .
صرنا في عصر السرعة .كل يحاول مواكبة الآلات (سرعتها ودقتها)لكن نحن بشر نحزن و نمرض.
الكل يجري ,فترى هذا تأخر عن العمل لم يستيقظ باكرا او زحمة السير اخرته ,وذاك فوت موعد الحافلة ظل يلعب بآلته طول الليل لم ينم انه مرهق .ومع ازدياد الضغط تولد الازمات :اكتئاب ,توتر , امراض .
الان صرنا بحاجة لطبيب نفسي نشكو له وحدتنا وكمية التوتر الذي نعيشه ,اننا وحيدون .لا نجد من يستمع الينا من يعطينا وقتا فالكل مشغولون .وهكذا ازدادت ارقام المنتحرين الذين استسلموا .فهم لم يعودوا قادرين على الاستمرار "الحياة متعبة حقا عشنا وحيدين وها نحن نموت وحيدين ,نحن نتألم لم يسمعنا احد وداعا ".هذه كلماتهم لنا؟ اليس هذا مخيفا حقا ان نكون بعيدين ونحن مجتمعون.
والان دعونا نلقي نظرة على بيئتنا الحبيبة :هواء ملوث فتحة تتسع في الغلاف الجوي اختلالات في التوازن البيئي صحة هشة تفتك بها الامراض .الم اخبركم اننا متعبون .
ان المشكلة هنا ليست في الآلات بل في طريقة استعمالها
التطور لابد منه فهو حلمنا الوردي ولكن دعونا لا نجعله كابوسنا الاسود .هو سلاح ذو حدين لا ضير ابدا في الاعتماد عليه والسير قدما نحو القمة ,ولكن دعونا لا ننسى انفسنا واسرنا.
لا مشكلة ان عالجتنا الآلات ,لكننا نحتاج وجودكم لكي نشفى.
لا عيب ان اخذت الآلات جزءا من وقتكم, لكن ارجوكم لا تدعوها تأخذكم منا.
لا ضير ان استغنينا عنها بعض الاحيان ,فهي ليست هواء ولا ماء.
لا ضير ان استغنينا عن السيارات احيانا ومشينا على ارجلنا او ركبنا حصانا.
لا مشكلة لو خصصنا وقتا نتكلم فيه مع بعضنا بدون وجودها ,فهي توترنا.
أشعرونا بقربكم فاننا نحتاجكم ,الحياة موحشة بدونكم.
هذه دعوى لكل من تصله كلماتي دعونا نسترح قليلا لا تتركونا نتيه في بحر الآلات .لا تخبرونا انها معنا فنحن نحتاجكم انتم …

Add comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *